قبطان العبّارة "بيلا" يكشف أسرار رحلة
الموت فى أول حوار لـ"اليوم السابع": رفضت عرضاً إسرائيلياً للمشاركة فى
إنقاذ الركاب.. وجهود السلطات الأردنية فى الإنقاذ أضعاف ما قامت به مصر


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الكابتن طارق عبد العال كابتن العبّارة "بيلا"



حوار رضا حبيشى - تصوير طارق الجباس







ينشر "اليوم السابع" أول حوار مع الكابتن طارق عبد العال، قبطان
العبّارة "بيلا" التى احترقت فى عرض البحر أثناء عودتها من ميناء العقبة
الأردنى إلى نويبع صباح الخميس 3 نوفمبر الجارى، وعلى متنها 1230 راكبا
والذى يحكى فيه أسرار رحلة الموت ويكشف العديد من المفاجآت فإلى نص
الحوار..

بداية ما حقيقة ما تردد عن إبحار العبّارة "بيلا" فى رحلتها الأخيرة من ميناء نويبع رغم وجود مشاكل فنية بمحركها؟
العبّارة تحركت من ميناء نويبع يوم 2 نوفمبر الساعة 10 مساءً على متنها 514
راكبا، ولم يكن بها أى مشاكل فنية وكانت سليمة بنسبة 100%، ووصلت لميناء
العقبة الأردنى الساعة الواحدة صباح الخميس 3 نوفمبر، وبدأت أفرغ حمولتها
من ركاب وسيارات وأمتعة، ثم بدأت فى تحميلها من أجل رحلة العودة الساعة 3
صباحا وانتهت من التحميل 7 صباحا.

وبدأت التحرك بالعبّارة فى رحلة العودة إلى ميناء نويبع الساعة 7.15 صباح
الخميس، ووصلت للسرعة القصوى للعبّارة 7.30 صباحا، وبعد مرور نحو 45 إلى 50
دقيقة على بعد نحو 9 أميال بحرى من ميناء العقبة، وكانت مازالت فى المياه
الإقليمية الأردنية، ظهر إنذار حريق بشاشة العرض الموجودة بغرفة القيادة
والتى ترصد كل جزء بالعبّارة من خلال كاميرات المراقبة، يشير إلى نشوب حريق
بالجراج، على الفور طلبت فرد الطاقم المسئول عن متابعة الوضع والمرور
بالعبّارة الذى أكد عبر جهاز اللاسكلى نشوب الحريق فى الجراج وتحديداً فى
أمتعة الركاب.

وكيف تعاملت بعد اكتشافك هذا الحريق؟
على الفور أرسلت إشارات استغاثة للعالم بأكمله، والتقطتها كافة السفن
المُبحرة بحول "بيلا" ومحطات الاستقبال الساحلية والموانئ والمطارات
المحيطة، وعقب ذلك بإبلاغ ميناء العقبة وميناء نويبع وإدارة شركة الجسر
العربى التابعة لها العبّارة "بيلا"، وفى غضون ذلك أصدرت تعليمات لأفراد
الطاقم المتخصص فى التعامل مع الحريق، والذى بدأ فى استكشاف الحريق ومحاولة
إطفائه والسيطرة عليه.

واكتشف أن النيران مندلعة فى أمتعة الركاب وتزداد بصورة غير طبيعية، لدرجة
أن الأدخنة حجبت الروية فى جراج العبّارة، وكان بالعبّارة من 150 إلى 200
طن أمتعة، وعندما لم تنج المحاولات الأولية فى إطفاء الحريق بدأنا فى تشغيل
أنظمة الإطفاء الذاتى بالجراج، ووصلت سرعة ضخ المياه من رشاشات الضخ إلى
750 طن مياه فى الساعة.

وفى غضون ذلك كنت أتابع إطفاء الحريق وأتابع مع الموانئ لإرسال الإمدادات
للمساعدة، وأثناء هذا بدأت تصل السفن الحربية الأردنية، وفى نسف الوقت كانت
العبّارة "آيلة" التابعة لنفس الشركة تبحر بالقرب من "بيلا" متوجهة من
نويبع إلى العقبة، وطلبت من قبطانها المساعدة وأبلغته أنى لدى حريق واحتمال
أبدأ فى إنزال الركاب.

وعندما لم تنج كل محاولات السيطرة على الحريق قررت البدء فى إنزال الركاب،
وكان عددهم 1230 راكبا وأفراد الطاقم 34 فرداً، وأبلغت الركاب بأنه سيتم
إخلاء العبّارة من كافة الركاب، وبالفعل بدأت فى إنزال الركاب فى قوارب
النجاة و"الرماثات".

ومتى وصلت قوات الإنقاذ؟
مع بدء إنزال الركاب كانت وصلت حوالى 25 قطعة بحرية أردنية للمساعدة تصل
سرعتها لنحو 50 عقدة / س فى الوقت التى تصل فيه سرعة العبّارة لـ 13 عقدة،
وكانت 4 عبّارات من شركة الجسر العربى على وصول، بالإضافة إلى وصول 4
قاطرات من ميناء العقبة الأردنى كانت تحاول إطفاء الحريق.

وأين القوات المصرية من عمليات الإنقاذ؟
الجهود الأردنية فى الإنقاذ كانت أضعاف الجهود المصرية، وبعد نحو 20 دقيقة
من وصول القطع البحرية الأردنية والـ 4 القاطرات، وصلت القاطرة جهاد
المصرية من ميناء نويبع وقطعة بحرية مصرية واحدة جاءت من ميناء طابا.

وعانيت أثناء إنزال الركاب من اندفاعهم وحالة الهلع التى كانت تسيطر عليهم،
وبعضهم كان يصر اصطحاب أمتعته معه خلال النزول إلى قوارب النجاة، والحمد
الله استطعت التعالم مع كل هذا، وسيطرت على 1274 راكبا كانوا على العبّارة،
وانتهيت من إنزال كافة الركاب فى 96 دقيقة، وهذا التوقيت مسجل عالميا لأن
إشارات الاستغاثة مسجلة فى كافة مراكز الإنقاذ بالعالم.

وكان فيه 5 زوجات بأزواجهم مصابون بحالة هلع غير عادية بينهم اثنان حوامل
ومعهم أطفال صغيرة، جعلتهم ملازمين لى طوال فترة الإنزال للنهاية، وأرسلت
إشارة استغاثة أطلب طائرة هليكوبتر لإنزال هؤلاء الأزواج من خلالها، وردت
على هذه الإشارة غرفة العمليات بميناء إيلات الإسرائيلى وعرضت علىِ
المساعدة وأنها بمقدور إرسال الطائرة ووصلها لموقع العبّارة فى غضون 5
دقائق، والسعودية عرض إرسال الطائرة لكنها قالت ستصل خلال ساعة، ومركز
العمليات بالأردن أخبرة أن مستعد إرسال طائرة فى 3 دقائق.

وماذا عن القوات المصرية وما قيل عن إرسال طائرات للمساعدة فى الإنقاذ؟
كل ما قام به الجانب المصرى هو إرسال طائرة واحدة هليكوبتر، ولم تفعل أكثر
من التحليق فوقنا، ولم نرَ غير ذلك ، ولا تجلعنى أتحدث عن تعامل السلطات
المصرية مع الحادث، لأنى أشعر بمرارة من موقفها.

وأى طائرة وصلت للمساعدة فى الإنقاذ الأزواج؟
رأيت أن وصول الطائرة وتحليقها فوق العبّارة سوف يزيد من اشتعال النيران
بها، لذلك قررت الاستغناء عن فكرة الطائرة، وبدأت فى إنزال الأزواج، وكان
وصل لى لنش حربى من قوات العمليات الخاصة الأردنية، وأنزلت الأزواج مستخدما
الحبال، وأنا آخر شخص غادرت العبّارة، وكافة قراراتى كانت بالتنسيق مع
مركز عمليات ميناء العقبة الأردنى. ولا صحة تماما لما تردد أنى خيرت الركاب
بين القفز فى المياه أو الموت حرقا.

وماذا عما تردد عن نشوب حريق محدود بالعبّارة أثناء رسوها بميناء العقبة الأردنى قبل إبحارها فى رحلة عودتها إلى نويبع؟
هذا كلام عار تماما من الصحة وغير منطقى، لأنه لو حدث ما كانت سلطات التفتيش الأردنية تسمح بإبحارى.

وكيف كان التعامل بعد إنقاذ كافة الركاب ومغادرتكم للعبّارة؟
وصلت إلى العقبة الأردنى، وبدأت الإجراءات الرسمية الأردنية وخضعت للتحقيق
لمدة تتراوح من 6 إلى 8 ساعات من قبل لجنة قضائية فينة، واستمعت لأقوالى.

وما لفت نظرى الكلمة التى قليت لىِ من أحد رجال القضاء الكبار الأردنيين
الذى يوازى منصبه وزير العدل المصرى، حيث قال لى: "متشكرين أنت اليوم رفعت
رأس الأردن ولم تيتم أحدا من 1274 أسرة".

رفعت رأس الأردن أم مصر؟
الأردن لأن العبّارة ترفع علما أردنيا، والحادث وقع بالمياه الإقليمية
الأردنية، والشركة التابعة لها تملكها دور الأردن ومصر والعراق، ومقرها
الرئيسى بالأردن.

لكنك مصرى والركاب غالبيتهم مصريون والشركة تملك ثلثها مصر؟
مصر تجاهلتنى ولم يقل لى مسئولا مصريا متشكرين، بل السلطات المصرية حاولت
القبض علىِ أثناء عودتى بمجرد وصولى إلى ميناء نويبع، وكان فى انتظارى ضابط
مباحث ووكيل نيابة، أما ملك الأردن كرمنى بعد إنقاذى أرواح 1274 فرداً.

وكيف تعاملت مع محاولة القبض عليك من السلطات المصرية؟
أنا لا أخشى من شىء.. لكن حينها كان الوقت متأخرا، وكان لابد من أن أطمئن أسرتى، ومستعد لأى تحقيقات.

ألم يتصل بك أى مسئول مصرى عقب عودتك إلى مصر لتكريمك أو شكرك؟
إطلاقا.. بل حاولوا القبض علىِ.. وهذا ما يشعرنى بالمرارة، لكن فعلت ما يرضى ضميرى ويرضى الله.

هل تبادر إلى ذهنك حادث العبّارة "السلام 98" عقب نشوب النيران فى "بيلا"؟
جاءت للحظة لكن أنا تعاملت بدقة، وأرسلت استغاثات على الفور بالتوزاى مع
جهود الإطفاء والإنقاذ، بعكس قطبان "السلام 98" الذى رفض أن يستغيث وتعامل
مع الحريق بأسلوب سيئ للغاية، مع العلم أن الحريقين كانوا متشابهان تماما
وكانا بالجراج.

وما مدى صحة ما قيل عن تعمد شركة الجسر العربى إغراق "بيلا" بعد 4 أيام من اشتعال النيران بها؟
غير صحيح، لأن العبّارة كانت محاطة بالقوات البحرية الأردنية، والغرق راجع
إلى النيران التى أتت عليها، وربما تكون أحدثت بها شقوقا وغرقت.